زايد الزيد يواصل حديثه عن المشروع البليوني << داو كيميكال >> وملاحظات بعض العاملين في القطاع النفطي على هذا المشروع في «داو كيميكال».. مرة أخرى!

زاوية الكتاب

كتب 933 مشاهدات 0


 

«داو كيميكال».. مرة أخرى!

زايد الزيد

 

ناقشني عدد من الأصدقاء الاقتصاديين، وآخرون من العاملين في القطاع النفطي في المقال السابق، الذي كان بعنوان: «دوامة جديدة اسمها داو كيميكال»، وكان المقال يدور حول أسباب الاستعجال في تمرير مشروع شراكة اقتصادية تجارية مع شركة «داو كيميكال» الأميركية المختصة بالصناعات البتروكيماوية بمبلغ 7.5 بلايين دولار، وان ما يدعو الى الشك والريبة هو الاصرار على تمرير هذا المشروع مساء الاثنين الماضي وهو ليلة دخول الحكومة لجلسة النظر في الاستجواب المقدم لسمو رئيس الوزراء!

وحقيقة كانت ملاحظات الأصدقاء في غاية الأهمية وأثرت الموضوع، واليكم أبرزها:

الملاحظة الأولى تتعلق بالموضوع من حيث المبدأ وهي: ان الأزمة المالية العالمية التي نشهدها اليوم مازالت في بداياتها، ولذلك لم يتبين للعالم المتقدم حتى الآن مداها الحقيقي، وآثارها، ومن ثم نتائحها، ومادامت الأزمة في بداياتها، فانه لا يمكن لأي ادارة خاصة أو عامة (ان كانت تملك قليلا من الرشد) ان تتخذ قرارا استثماريا حتى ولو كان بسيطا، فما بالنا والمبلغ الذي تنوي حكومتنا استثماره في «داو كيميكال» يبلغ 7.5 بلايين دولار! أي أنه في حالات الأزمات الاقتصادية الكبرى كالتي يعيشها العالم بأسره اليوم، يصبح الاحجام عن اتخاذ القرارات الاستثمارية هو سيد الموقف، ويختصر أحد هؤلاء الأصدقاء المسألة بلغة مبسطة فيقول: في مثل هذه الظروف يصبح المال - أو بتعبير أدق « الكاش» - في كل بقعة في الأرض، عزيزا!

الملاحظة الثانية تدخلنا في التفاصيل وهي: ان «الاخوان» في مؤسسة البترول خفضوا مبالغ مساهمتنا في الشراكة مع «داو كيميكال» من 9 بلايين الى 7.5 بلايين، وبرروا تخفيض ال 1.5 بليون بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، طيب، هذا كلام جميل وتصرف عاقل، ولكنه مبتور! فهناك سؤال يلح: اذا كانت الأزمة في بدايتها قد طيرت بليون ونصف البليون دولار من مساهمتنا، فلمَ الاستعجال؟ لننتظر انخفاضات جديدة في الأسواق العالمية ستؤدي بالتبعية الى انخفاض حصتنا بما يتناسب مع الانخفاضات العالمية في الأسعار، هذا اذا كان لدينا اصرار على الدخول في هذه الشراكة! فأسعار كل السلع اليوم في العالم كله في انحدار سريع، وهذا الانحدار لم يتوقف بعد، ولا يتوقع له التوقف قريبا، أي أنه - وبلغة المتعاملين في أسواق الأوراق المالية - لايزال بعيدا عن «القاع»! فلمَ الاستعجال يا «اخوان»؟!

الملاحظة الثالثة مازالت في التفاصيل أيضا، وفحواها: ان الجميع يعرف ان أسعار النفط انخفضت حتى الآن بما يزيد على 70 في المئة من أسعار ما قبل حدوث الأزمة، وان كل الصناعات بما فيها الصناعات الغذائية تأثرت بهذا الانخفاض بنسب تقترب من نسبة انخفاض النفط، فكيف بصناعة تعتمد أساسا على النفط كالبتروكيماويات؟! أي لماذا انخفضت حصتنا بمقدار 17 في المئة فقط؟ ولماذا هذا الانخفاض لايزال ضئيلا وبعيدا عن معدل انخفاض النفط؟

أما الملاحظة الرابعة فمنطقها بسيط جدا، ويرتكز على ان الاصرار الحكومي على الاستثمار الضخم في مجال صناعة البتروكيماويات، أمر لا يمكن قبوله في وجود شركة وطنية مملوكة بالكامل للدولة وهي شركة الصناعات البتروكيماوية، وأيضا في وجود شركتين مساهمتين عامتين في المجال ذاته هما شركتا «بوبيان» و«القرين»، فاذا كانت دراسات الجدوى الاقتصادية قد «حثت» المجلس الأعلى للبترول على الاستثمار في مجال الصناعات البتروكيماوية، فليكن الاستثمار في شركاتنا الوطنية والمساهمة بدلا من الدخول مع شراكات أجنبية للغرض ذاته! هذه ملاحظات أعتقد بأهميتها، رأيت ان أضعها تحت نظر «الجميع»، حتى لا ندخل في دوامة جديدة، تقودنا الى نفق من الجدل، يضيع معه الوقت والجهد والمال، مع الأخذ بعين الاعتبار مسألتين: اننا لم نتأكد أصلا من وجود دراسة جدوى اقتصادية موثوقة وخالية من أغراض التنفيع لمشروع الشراكة مع «داو كيميكال»، والثانية أننا لم نطمئن حتى الآن على سلامة الاجراءات القانونية المتبعة في تمرير هذه الصفقة المثيرة للجدل!

[email protected]

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك